1 min read
داخل محاكمة علاء م #94: أَطِبّاءُ الْمَوْتِ في مَشافي سوريا الْعَسْكَرِيَّة: شَهادَةٌ مُفْجِعَةٌ مُكَدِّرَة

داخل محاكمة علاء م #94: أَطِبّاءُ الْمَوْتِ في مَشافي سوريا الْعَسْكَرِيَّة: شَهادَةٌ مُفْجِعَةٌ مُكَدِّرَة

محاكمة علاء م.

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة الرابع والتسعون

تاريخ الجلسات: 21 و 23 كانون الثاني / يناير 2025

 تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

[ملحوظة: يواظب المركز السوري للعدالة والمساءلة على تقديم موجز للإجراءات مع حجب بعض التفاصيل حمايةً لخصوصية الشهود وصَونًا لنزاهة المحاكمة.]

يسرد تقرير المحاكمة الرابع والتسعون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليومين التاسع والستين والسبعين بعد المئة من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. في يوم المحاكمة الأول هذا الأسبوع، أدلى كبير المفتشين مانويل دويْسِنج بشهادته حول استجوابه سابقا الطبيبَ السوري P54 الذي كان متيقّنا من هوية المتهم. وركّزت الجلسة على توثيق شهادة P54 التي تضمنت مخططاتٍ توضيحيةً مفصلة للمشافي العسكرية وتوصيفاتٍ للانتهاكات المنهجية في تلك المنشآت. واستحضر دويْسِنج ما رواه P54 عن رؤيته جثثا وصلت في شاحنات من مناطق النزاع، ومشاهدته إساءة معاملة المعتقلين، ومصادفته أقساما سرية في المشفى لا يُسمح بولوجها إلّا لموالي للنظام. وأبرزت إفادة P54 الطبيعةَ المنهجية لهذه الجرائم وأثارت تساؤلات حول دور الطاقم الطبي في تمكين انتهاكات حقوق الإنسان. وتفحصت المحكمة أدلةً مصورة وتباحثت تأثير التغطية الإعلامية المحتمل على شهادات الشهود.

ركزت المحاكمة في اليوم الثاني على الشهادة المؤثرة والمروعة التي أدلى بها P57، وهو معتقل سابق وضابط في الجيش السوري. وصف P57 كيف سُجن بعدما عصى أوامر بإطلاق النار على المدنيين، ونُقل لاحقا إلى مشفى تشرين العسكري حيث قاسى إساءة المعاملة الشديدة. وتضمنت شهادته روايات مروّعة عن العمل القسري والضرب العنيف وإعدام المعتقلين بحقن مميتة. وأشار إلى أنّ علاء شارك بنفسه في هذه الأفعال، مستحضرا أنّ المتهم حَقن بنفسه معتقلين لا حول لهم ولا قوة بحقن قاتلة. انهار الشاهد باكيا أكثر من مرة خلال شهادته، مؤكدا أنه لن ينسى وجه المتهم والفظائع التي شهدها أبدا. وخيّم على الجلسة كربٌ نفسي عميق أدى إلى عقد عدة استراحات، إذ جاهد كلٌّ من الشاهد والمترجم الشفوي نفسه للمتابعة.

 اليوم التاسع والستون بعد المئة - 21 كانون الثاني / يناير 2025

استُدعي شاهدا في الجلسة الأولى هذا الأسبوع كبيرُ المفتشين الجنائيين في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألماني مانويل دويْسِنج، وكان هذا ظهورَه العاشر أو الحادي عشر في المحاكمة. وأبلغه رئيس المحكمة القاضي كولر بواجباته شاهدا قبل استجوابه حول مقابلته السابقة مع P54، والتي جرت قبل نحو أربع سنوات ونصف.

وصف دويْسِنج الصعوبة التي تخلّلت استجواب P54 الذي استغرق ثماني ساعات ونصف، مستحضرا أنّ الشاهد قدّم مرارا إجابات عامة بحجة وجود مخاوف أمنية. ويُلاحظ أنّ المقابلة أُجريت بلا مترجم شفوي، إلّا أنه لم يُبلّغ عن وجود عقبات لغوية. وكان المدعي العام هافركامب حاضرا بصفته المدوّن الرسمي.

أشار القاضي كولر إلى محضر المقابلة المؤرخ في 7 أيلول / سبتمبر 2020. ورغم الاستجواب المطوّل، إلّا أنّ المحضر تضمن 32 صفحة فقط، وخطّ P54 بيده ملاحظات وتصويبات، ووقّع على كل صفحة لتأكيد دقتها. قدّم P54 أثناء استجواب الشرطة مخططات توضيحية للمشافي العسكرية التي عمل فيها وعُرضت عليه صور أشخاص للتعرف عليهم. وعندما رأى الصورة الخامسة، تعرّف على المتهم على الفور قائلا: «أنا متأكد بنسبة مليون بالمئة!».

ثم نظرت المحكمة مع الضابط دويْسِنج في خلفية P54 المهنية، إذ وُلد عام [حُجب الزمان] في [حُجب المكان]، ودرس الطب في [حُجب المكان] ثم عاد إلى سوريا، حيث عمل في مشفى [حُجبت المعلومة] في حمص. وبعد اندلاع النزاع السوري، تناوب عمله بين مشافي تشرين والمزة وحرستا العسكرية.

وفقاً لدويْسِنج، ذكر P54 بالتفصيل التغييرات الجذرية في المشفى بعد بدء الحرب. إذ استحضر دويْسِنج ما ذكره P54 من رؤية شاحنات محمّلة بالجثث وصلت من درعا، وإساءة معاملة المعتقلين الشديدة، ووجود قاعة سرية في قبو مشفى تشرين لا يُسمح بدخولها إلّا للموظفين العلويين أو الموالين للنظام. وأشار P54 إلى أنّ المعتقلين الذين كانوا يعانون من إصابات طفيفة في حرستا كانوا يموتون بُعَيد دخولهم المشفى في الغالب، وعلم لاحقا أنّ السبب هو حُقَن [حُجبت المعلومة] التي تخلو من العلامات المميّزة. ووصف P54 كذلك كيف تغيّرت معاملة المعتقلين مع مرور الوقت. ففي البداية، تردّد بعض أفراد الطاقم الطبي في الانخراط في إساءة المعاملة. ولكن مع استمرار النزاع، صارت الإساءة منهجية. وأخبر P54 الشرطةَ أنه شهد بنفسه المتهمَ يشارك في الضرب.

وصفت إحدى الروايات المروّعة جدا مرةً جَرَّ فيها عناصرُ الأمن سجينا بلغ به الضعف منزلةً لا يستطيع فيها الوقوف، وأثخنه علاءٌ ضربا مرارا بأداة طبية أثناء ذلك. وعندما سأل ضابطُ الشرطة الشاهدَ P54 عن المتهم، وصف P54 علاءً بأنه شخص متعجرف متغطرس وأبتر منعزل اجتماعيا. وذكر أنّ علاءً شارك في ضرب المعتقلين وأجبر مرةً معتقلا ظمآنا على شرب محلول [حُجبت المعلومة].

في ختام الجلسة، تباحث القضاة اتساقَ شهادة P54 ومواءمتها شهاداتِ شهودٍ آخرين. وشددت المحكمة على أهمية ذكرياته المفصلة في إثبات أنماط الانتهاكات داخل المشافي العسكرية.

رُفِعت الجلسة في الساعة 11:20 قبل الظهر.

سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 23 كانون الثاني / يناير 2025، في العاشرة صباحا.

 اليوم السبعون بعد المئة - 23 كانون الثاني / يناير 2025

بدأت جلسة الأسبوع الثانية بشهادة [حُجب الاسم]، P57، وهو ضابط سابق في الجيش السوري سُجن لأنه لم ينصع لأوامر بإطلاق النار على المدنيين. وركزت شهادته المفصّلة والعاطفية على الظروف الوحشية داخل سجن صيدنايا ومشفى تشرين العسكري الذي نُقل إليه بسبب تدهور حالته الصحية.

فور وصوله إلى تشرين، أُسيئت معاملة P57 وغيره من المعتقلين بشدة. ووصف كيف ضُرب بوحشية وأُهين واضطُر للنوم على لُحُفٍ قذرة متشرّبة بالفضلات البشرية. وكانت الطبيعة المنهجية لإساءة المعاملة واضحة، وأكد P57 أنّ الطاقم الطبي، وفيهم المتهم، شاركوا فعلا في هذه الممارسات.

وفي أول صباح له في تشرين، شاهد P57 بنفسه المعتقلين يُحقنون بمادة غير معروفة، ومن ثَمّ وُضعت جثثهم الهامدة في أكياس بلاستيكية وأُزيلت. فأدرك ما تقشعر له الأبدان وهو أنّ ما زُعم من علاج طبي لم يكن في الواقع إلّا إعدامات منهجية. وذكر أنّ علاء كان أحد الأطباء المسؤولين عن إعطاء هذه الحقن القاتلة، مستحضرا أنّ المعتقلين كانوا يُثبّتون بإحكام بينما كان المتهم يحقنهم، فلا يلبثون حينا حتى يفقدوا وعيهم ويموتوا بسرعة.

بينما كان P57 يدلي بشهادته، إذ انهار باكيا مستحضرا لحظةً أُمر فيها بتنظيف ساحة المشفى، فرأى هناك أكواما من الجثث يُتخلص منها كالقمامة، ووصف بأن ذلك المشهد محفور في مخيلته إلى الأبد. «سأنسى أمي وأبي وإخوتي، إلّا هذا الوجه، لن أنساه أبدًا!» في إشارة إلى علاء.

ووصف P57 عمل المعتقلين القسري الذي تضمّن واجبهم المَقيت الكالح بنقل الجثث ومساعدة الطاقم الطبي في الإجراءات المميتة. وأُجبر هؤلاء المعتقلون الذين أَخذ منهم الضعفُ والإصابات كلَّ مأخذ على رفع أشياء ثقيلة، وكان يُضرب مَن ينهارُ منهم أو يُحقن بمواد مميتة.

خيّم على الجلسة كربٌ نفسي شديد أفضى إلى عقد استراحات عدة، إذ جاهد كلٌّ من الشاهد والمترجم الشفوي نفسَه للمتابعة.

***

[استراحة لعشر دقائق]

***

مواصلا شهادتَه، أبى P57 أن يشير إلى المتهم على أنه «طبيب» وقال للمحكمة: «أيُّ طبيب يفعل هذا؟ عليكم أن تسلموه إلى عائلات المقتولين».

وشدّد على أن علاء لم يُمَكّن لارتكاب هذه الجرائم فحسب، بل شارك فيها فعلا. إذ فَعل أفعالا أدت بصورة مباشرة إلى وفاة المعتقلين. وروى P57 كذلك رعب الليالي في مشفى تشرين، واصفا: «لم تتوقف صرخات الموتى أبدا. إذ كانت توقظه كلَّ ليلة أصوتُ الصراخ وسحبُ الجثث إلى الخارج. سأظل أسمع تلك الصرخات ما حييت».

وعندما سأله القضاة إن كان يعرف المتهمَ، أكد P57 ذلك مضيفا أنه رأى علاء عدة مرات وهو يحقن حقنا مميتة ويشرف عليها.

تفحصت المحكمة صورا، وأشار P57 بثقة إلى المتهم على أنه المسؤول عن كثير من الأهوال في المشفى.

في مرحلة ما، تناول القاضي كولر المخاوف التي أثارها الدفاع والمتعلقة بما نُشر على وسائل الإعلام، في إشارة إلى تقارير زمان الوصل ودير شبيجل. حاجج الدفاع بأن هذه المنشورات قد أثّرت على شهادة الشهود. إلّا أنّ P57 ظل ثابتا على موقفه، مدعيا أنّ ذكرياته كانت مستقلة عن أي تقارير ولم تستند إلّا إلى مرّ به بنفسه.

***

[استراحة لاثنتين وثلاثين دقيقة]

***

احتدم في ختام الشهادة أخذٌ وردٌّ بين الدفاع والشاهد. إذ حاول محامو الدفاع أن يطعنوا في شهادة P57 السابقة بإبراز التناقضات فيها، ولكن P57 ظل راسخا لم يتزحزح، وقال: «لن أجنيَ شيئا من شهادتي. هدفي الوحيد هو تحقيق العدالة للضحايا».

رُفِعت الجلسة في الساعة 11:06 قبل الظهر.

سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 28 كانون الثاني / يناير 2025، في العاشرة صباحا.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.