1 min read
داخل محاكمة علاء م #68: جِئناكُم بالكلاشِنكوف، لا بِالأَزهار

داخل محاكمة علاء م #68: جِئناكُم بالكلاشِنكوف، لا بِالأَزهار

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة الثامن والستون

تاريخ الجلسة: 6 و 8 شباط / فبراير 2024

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

يسرد تقرير المحاكمة الثامن والستون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليوم السادس عشر والسابع عشر بعد المئة من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. كُرِّست الجلسة الأولى هذا الأسبوع للاستماع إلى السيد دويْسِنج، رئيس وحدة التحقيقات في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألماني، والذي أجرى مقابلة مع P26. أكّد الضابط معظم ما أدلى به P26 أثناء الاستجواب، ولكنه استحضر أنّ الاستجواب كان عصيبًا لأن الشاهد وارَبَ عدةَ أسئلةٍ وخاتَلَها وأنكر أنه شَهِد أي سوء معاملة. وتذكّر دويْسِنج بالأخصّ أنه هالَهُ أمرُ الشاهد الذي قال بعد أن شاهَدَ صورًا لجثث ملقاة على الأرض في فناء ”ارتكب كلا الطرفين أخطاء!“. بل غضب الشاهدُ لأنه اضطر إلى التحدث عن هذا الأمر، كما أوضح دويْسِنج.

ومَثَلَ شاهدٌ جديدٌ في يوم المحاكمة التالي هذا الأسبوع. سُئل P34عن خلفيته وكيف تعرّف على علاء م، وعن آرائه السياسية، فتبيَن أنّ الشاهدَ علويٌّ من حمص وأنه مُشايِعٌ غَلِيٌّ للأسد. وأشار إلى أن علاء وصف المتظاهرين أحيانًا بأنهم ”إرهابيون“ أو ”زُعْرٌ بلطجية“. إلّا أنّ الشاهد لم يؤمن بصحة الادعاءات ضد علاء، إذ إنه كان معه في دمشق طَوال عام 2012، بَيْدَ أنه سمع أن الجرائم المزعومة وقعت في حمص في نفس الفترة.

ما انفكّ المتهمُ علاءٌ والعجي محامي دفاعِه يقاطعون الشهادةَ لتصويب أخطاء المترجم الشفوي الجديد (مزعومةً كانت أو فعليةً). وشدّد رئيس المحكمة كولر على أهمية ألّا يُغفِل المترجمُ أيّ تفاصيل. وأوضح أنه إذا لم تُترجَم معلومةٌ ما ولم يأتِ ذِكرُها إلا بعد إشارة المتهم إليها، فقد يعني ذلك أنّ المتهمَ يؤثّر في شهادات الشهود.

أبرز النقاط:

اليوم السادس عشر بعد المئة - 6 شباط / فبراير 2024

في يوم المحاكمة هذا، أدلى السيد دويْسِنج، رئيس وحدة التحقيقات في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألماني، بشهادته في المحكمة. استُدعيت الخبيرة اللغوية، السيدة كُون، لاستئناف قراءة ترجمة تقرير الأمم المتحدة التي بدأتها في الجلسة السابقة، ولكن تعذّر عليها الحضور بسبب مرضها. طُلب من السيد دويْسِنج أن يورد تفاصيل الاستجواب الذي أجراه مع الشاهد P26. وأراد القضاة معرفة ما إذا كان يتذكر الاستجواب أم أنه اطّلع مجدّدًا على ملف القضية استعدادًا للشهادة. قال السيد دويْسِنج إنه هيّأ نفسه بقراءة المستندات في ملف القضية. أشار دويْسِنج إلى أن الاستجواب كان عَصِيًّا صعبَ المِراس، فأخبره القضاةُ أنهم كابدوا نفس الأمر.

أوضح السيد دويْسِنج أنه وضابطًا آخر أجريا الاستجواب معًا، وزوّدوا الشاهدَ بفترات راحة ومشروبات ووجبات خفيفة، وأُعيدت ترجمة المحضر. أجرى الشاهد بعض التصويبات ووقّع على جميع الصفحات التي عُرضت على الشاشات في قاعة المحكمة. أُلحقت الإضافات التي خطّتها يدُ الشاهد بمحضر الاستجواب ذي الصفحات الخمسين. وتضمن الملحق أسماء بالعربية والألمانية كتبها الشاهد بنفسه. ووفقًا لدويْسِنج ومحضر الاستجواب، لم يكن ضروريًّا حضورُ مترجم شفوي نظرًا لمستوى اللغة الألمانية المتقدّم للشاهد. وأُدرجت في الملحق أسماءُ زملاء علاء وأشخاصٍ ساكنوه سابقًا.

ردًّا على استفسارات القضاة، أكَد السيد دويْسِنج أنّ الشاهد ذكر أنّ التناوب كان جزءًا من نظام المشافي، ولكنه لم يكن إلزاميًّا، إذ كان بإمكان المرء أن يقدّم طلبًا بالبقاء أو الانتقال، ولكن القرارَ النهائيَّ كان بِيَد المشرف.

أبدى القضاة اهتمامًا بما يتذكره ضابطُ مكتب الشرطة عن العلاقة بين الشاهد وعلاء. فروى السيد دويْسِنج أن الشاهد تعرّف على علاء في حلب حيث درسا، وكانا صديقين مقربين. وأضاف دويْسِنج أن الشاهد ذكر أن تواصلهما تدنّى بعدما ذهب الشاهدُ إلى دمشق وعلاءٌ إلى حمص ليختصّا طبيًّا. والتقيا عدة مرات حينما زار علاء دمشق وعندما التحقا بدورةٍ للغة الألمانية. وتزايد تواصلهما بعد وصولهما إلى ألمانيا. إذ رأى كلٌّ منهما الآخر مرات عديدة، ولكن جُلّ تواصلهما كان دردشةً. وذكر دويْسِنج أنه وفقًا للشاهد، فإن آخر مرة التقيا فيها كانت في رأس السنة 2020/2019. وسبق تلك المناسبةَ الادعاءاتُ ضد علاء الذي أنكرها. وذكر الشاهد أنه لم يكن ثمّة وقتٌ كثيرٌ للتعمّق في التفاصيل.

ادّكر دويْسِنج أن الشاهد ينحدر من قرية خارج حمص في وادي النصارى. واستحضر الضابطُ أن الشاهد لم يواجه أي مشاكل عند سفره إلى هناك من دمشق، رغم خطورة الطريق وكثرة الحواجز عليه. وروى أنه سأل الشاهدَ مرارًا وتكرارًا عن تواريخَ معيّنة، وكان يعنيه متى عمل علاءٌ في حمص والمزة وتشرين، لكن الشاهد عجز عن تقديم تواريخ.

فيما يتعلق بأي إساءةِ معاملةٍ للمرضى، أضاف دويْسِنج أنه عندما استنطق الشاهدَ عن الظروف في المشافي، بل وأَراهُ بعض الصور من ملفات قيصر، أجاب P26 بأنه لم يشهد شيئًا قطّ، وأنّ كل الجثث كانت جثث جنود، وأنه لم يرَ أي إساءة معاملة. ووضّح دويْسِنج أن الانطباع الذي ارتسم لديه كان أنّ الشاهدَ ما انفكّ يتحايل على الأسئلة ويراوغها قبل أن يُنَزِّرَ بيسير المعلومات. وأشار إلى أنّ الشاهد لم يعترف بوجود مرضى معصوبي الأعين إلّا بشقّ الأنفس، ولكنهم لم يكونوا في قسمه، على حدّ قول P26. فأكد القضاة أنّ الشاهدَ تصرف على شاكلةٍ مماثلة في المحكمة. وأشار دويْسِنج إلى أنّ أمرَ الشاهد هالَه، فبعد أن رأى P26 صور جثث على الأرض في فناء، ردّ بأن ”كلا الطرفين ارتكب أخطاء!“ فصُرع دويْسِنج بذلك الردّ. وأوضح أنّ الشاهدَ اكْفَهَرَّ وتَبَرطَمَ غاضبًا لأنّ الضرورةَ حملته على التحدث عن هذا الأمر

عندما استفسر القضاةُ من دويْسِنج عمّا قاله الشاهد حول موقف علاء من النظام، حكى دويْسِنج أنّ الشاهد أخبره أنّ علاء كان مُناوِئًا للمتظاهرين ويعتقد أنهم اقترفوا خطأً وزادوا الطين بلّة. أراد القاضي رودِه أن يعرف ما نعت به علاءٌ المتظاهرينَ، فأشار دويْسِنج إلى أنّ الشاهد ذكر أنّ علاء وصفهم بـ ”المتظاهرين والمتطرفين“. وأوضح دويْسِنج للمحكمة أنه أثناء استجواب الشرطة، أنكر الشاهد أنه لاحظ رائحة جثث في المشفى، إلّا أنّ P26 اتصل بمركز الشرطة الألمانية في اليوم التالي واعترف أنه ربما كانت هناك رائحة كتلك زهاء 2014/2013. ردّ أحد زملاء دويْسِنج على تلك المكالمة وكتب مذكرة حول هذا الموضوع. بعد أن أكمل القضاة استجوابهم، لم يكن لدى أي من الأطراف أسئلة حول استجواب P26.

قبل اختتام الجلسة، عاينت المحكمة مذكرةً من تشرين الأول / أكتوبر 2023 أضافها دويْسِنج إلى ملف القضية، ولكن المحكمة لم تلحظها إلا في اليوم السابق. وفصّلت المذكرة بحثًا أجرته الشرطة عن عديد من الأسماء وعن كلمات مفتاحية مثل ”موت، جثة، وغيرها“. وأوضح السيد دويْسِنج أنه قيّم النتائج، ولكنه لم يعثر على شيء. ثم صُرف الضابط دويْسِنج لَمّا لم يكن لدى أطراف القضية أي أسئلة له.

بخصوص جلسة المحاكمة التالية، حاول القضاة استدعاء صديق علاء الذي يقيم خارج ألمانيا، ولكنهم لم يتمكنوا من الوصول إليه، ولا تمكنت الشرطة بعد محاولة الاتصال. اتصل محامي الدفاع إندريس بزوجة علاء قبل بدء الجلسة وأبلغ القضاةَ بأنها لا تملك رقم الشاهد، ولكنها ستعثر عليه وترسله إلى فريق الدفاع في أقرب وقت ممكن.

اليوم السابع عشر بعد المئة - 8 شباط / فبراير 2024

بدأت جلسة هذا اليوم متأخرة، إذ ظلّت المحكمةُ تترقّب وصولَ المترجم الشفوي عصام خوري. أزعج تأخُّرُ المترجم الشفوي رئيسَ المحكمة القاضي كولر للغاية وقال إنهم لن يعملوا معه مرة أخرى. اقترح علاء بدء الجلسة دونه لأنه في غنى عن مترجم شفوي، ولكن كولر رفض ذلك توخّيًا للحيطة.

وأخيرًا، بعد تأخير دام عشرين دقيقة، بدأت الجلسةُ ومَثَلَ الشاهد P34أمام المحكمة. يبلغ الشاهدُ السوريُّ من العمر 35 عامًا وينحدر من حمص، ولكنه يعيش في أوروبا حيث يعمل محاسبًا. لا قرابة بينه وبين المتهم علاء ولكنه صديقه. استهلّ القضاة بعدة أسئلة حول سيرته وحياته الشخصية. تفاجأ القضاةُ عندما أخبرهم الشاهدُ أنه كان يعيش في دمشق ويدرس في اللاذقية، فبيّن P34 أنه لم يكن عليه أن يفِدَ الجامعةَ إلّا حين الامتحانات. وبعد تخرجه، بدأ العمل محاسبًا في قناة سما التلفزيونية [قناةٌ مواليةٌ للنظام السوري]. وفي نهاية عام 2015، استقال وغادر البلاد، لأنه كان سيُجنّد للخدمة العسكرية ”ولم يرغب في أن يكون جزءًا من الصراع“. ثم غَشِيَ أوروبا في نهاية عام 2017.

أراد القاضي رودِه معرفة ما إذا واصل الشاهد العملَ في قناة سما، وهو ما نفاه P34. ثم سأل رودِه عن متجر يملكه P34 في حمص، فأكد الشاهد أنه ووالدَه افتتحا متجرًا لقطع غيار الدراجات النارية بعد أن ترك وظيفته في الشركة المتحدة للحديد (Roots Steel). قرّع رئيسُ المحكمة كولر الشاهدَ ووبّخه لأنه لم يخبره عن ذلك المتجر حينما سأله آنفًا عما فعله بعد ترك الشركة المتحدة. فحاول P34 أن يبرّر بأنه لم يظنّ أن ذلك أمرٌ مهمٌّ، لأنه لم يكن حقًّا عملًا بدوام كامل. وأضاف أنّ ”الوضع في سوريا لم يكن يُطاق ولم يكن ثَمَّة مستقبلٌ في ذلك البلد“. وبعد أن خابت مساعيه في الوصول إلى أوروبا بشكل قانوني، سافر عبر اليونان إلى دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي حيث مُنح الحماية. ثم شرع القضاةُ بالسؤال عن العلاقة التي جمعت الشاهدَ بعلاء، فأجاب P34 أنهما لم يتواصلا منذ أن ذهب إلى أوروبا، خلا تحدّثهما مرة واحدة فحسب، لأنه كان مشغولًا وتحت ضغط كبير لبدء حياته. وردًّا على استفسارات القضاة، ذكر P34 أنّ أول لقاءٍ لهما كان في عام 2012 عن طريق أحد الزملاء. عاش ثلاثتُهم في دمشق، وكان هذا الزميلُ رئيسَ P34 في العمل. وفي مرحلة ما، بدأ علاء يُقِلُّ هذا الزميلَ إلى محطة الحافلات صباحًا، ومن ثَمّ سمع الشاهدُ عن علاء. ويبدو أن علاء انتقل ليُساكنَ زميلَه الذي كان لديه شقة كبيرة بها بعض الغرف الإضافية. وذكر الشاهد نوع سيارة علاء آنذاك.

روى الشاهد أن زميله بدأ يغشى محطةَ الحافلات بسيارة علاء في بداية عام 2012، وتذكّر أنه كان شتاءً. تمخّض لَبسٌ وارتباك بسبب علاء الذي قاطع الحديث زاعمًا أنّ الشاهد قال إنها كانت تمطر حينها وإنّ المترجم الشفوي لم يترجم ذلك. في اللغة العربية الفصحى، تعني الكلمةُ المستخدمةُ أنه كان شتاءً، ولكن علاءً حاجج بأنها تعني أنها كانت تمطر، وفقًا للهجة السورية. لم تكن هذه المرةَ الأولى ولا الأخيرةَ التي يتدخل فيها علاءٌ أو محامي دفاعه العجي زاعمَين وجود أخطاء في الترجمة. أخطأت التصحيحاتُ حينًا، وأصابت أحيانًا.

أشار القاضي كولر إلى أن ترجمة التفاصيل الدقيقة مهمٌّ للغاية. ضرب كولر مثالًا وأوضح أن الشاهدَ قد يقول إنه كان شتاءً، ولكن المتهمَ يريد أن يظنّ الجميع أنها كانت تمطر، لكيْ يقاطع ويزعم وجودَ خطأ. فإذا طلب القاضي بعدها من المترجم الشفوي تأكيد ما إذا قال الشاهد إنها كانت تمطر، وقال الشاهدُ إنها كانت تمطر فعلًا، فسيعني هذا أنّ المتهمَ أثّر على شهادة الشاهد، ويُحتمل أنه غَرّ الشاهدَ ليُقَوِّلَه أشياءَ يُريد المتهمُ منه أن يقولها، رُغم أنّ الشاهدَ لم يتفوّه بها أصلًا. وأضاف القاضي كولر أنه لا يرمي إلى الضغط على المترجم الشفوي، ولكنه شدّد على أهمية ”أن نلتزم دائما الدقةَ في انتقاء الكلمات وصياغتها“.

ردًّا على أسئلة القاضي كولر، ذكر الشاهد أنّ علاءً صار جزءًا من ثُلّة [الأصدقاء] في الوقت الذي كان فيه الشاهدُ يُحضّر لامتحاناته في فبراير/شباط 2012، وذكر أنهما كانا يلتقيان بانتظام. وأوضح P34 أنه عَلِم أنّ علاءً كان طبيبًا يختصّ في مشفى عسكري يُدعى مزة 601. بدا أنّ الارتيابَ حاكَ في نفس القاضي رودِه لأن الشاهدَ كان يعرف رقم المشفى، وسأل الشاهدَ مرارًا كيف تذكّرَ هذا الرقم. قال P34 إن السبب ببساطة هو أن 601 كان اسم المشفى. واستحضر الشاهد أنّ علاء كان يَذكُره كلّما تحدث عن العمل، كأن يقول: ”كنت في 601…“ إلخ. وأضاف P34 أنهما تحدثا عن العمل وأنّ ”علاءً كان فخورًا بعمله.“

سأل رودِه P34 عما إن عَمِل علاءٌ في أي مكان آخر خلال تلك الفترة، وهو ما نفاه الشاهد. وروى الشاهد أنَ رصاصةً طائشةً أصابت علاءً، فزاره P34 في المشفى، ولكنه لم يتمكن من تقديم أي تفاصيل عن الأمر. وأضاف P34 أنه بعد أن أمضى علاءٌ فترة نقاهة في المنزل، انتقل علاءٌ إلى طرطوس، ”أعتقد أن ذلك كان بسبب إصابته، ولكنني لست متأكدًا“. وحين سُئل عن الأمر، قال الشاهد إنه لا يتذكر كم من الوقت أمضى المتهمُ في طرطوس، ولكنه يتذكّر أنه قَفَلَ إلى دمشق عام 2014 وعمل في مشفى تشرين.

سأل القاضي رودِه الشاهدَ عن شخصية علاء ومظهره آنذاك، فوصف الشاهدُ ذلك بالتفصيل. وأضاف P34 أنّ علاء يبدو اليوم مختلفًا بسبب ”المأساة التي يعانيها“. وعندما سُئل عن موقف علاء السياسي، قال الشاهد: ”إن الطريقة التي تربينا عليها وتعلمناها في المدرسة، كَونَنا سوريين، هي أن نحبَّ عائلة الأسد“. وأشار إلى أنه بعد بدء الأحداث كانت ثُلَّتُهم ضد المعارضة ومع الاستقرار. وذكر P34 أن علاءً لم يجهر بموقفه السياسي، لأنه كان يعمل في وزارة الدفاع. وحكى الشاهدُ أنه عندما وقعت أعمال تدمير أو هجمات على مؤسسات عسكرية أو حكومية، وصفهم علاء بـ ”الإرهابيين“ أو ”الزُّعْر البلطجية“. وقال الشاهد: ”كنت مؤيدًا للنظام، بسبب الطريقة التي تربيتُ عليها. كان هذا رأيي، ولكنني لم أكن نشطًا سياسيا، وكنت مع الاستقرار. إن أردتَ تغيير شيء ما، فعليك أن تفعل ذلك سلميا لا عن طريق العنف“. وأوضح أنه ضد المعارضة التي تدعو إلى قتل العلويين. وأضاف P34: ”أينبغي أن يموت كلُّ العلويين لمجرد كَونِ الرئيس علويًّا؟ إن كان هناك من يريد أن يُقتل كلُّ العلويين، فحتمًا سأناوئه“. أراد القضاة معرفة ما إذا كان قد جاهر بدعمه للأسد، فأنكر الشاهد ذلك، ولكنه أقرّ بأنه قد يكون فعل ذلك مرة واحدة على فيسبوك.

ومن ثَمَّ، أرى القضاةُ الشاهدَ نَزْرًا مما نَخَلوهُ من منشوراته على فيسبوك.

1- نُشر في 27 أيلول / سبتمبر 2012: يُظهر المنشورُ صورةً ساخرةً لفريدي مِركوري رافعًا صورة الأسد، وكُتب بجانبه: ”أنا أسدي“. كان المنشور من مجموعة تُدعى ”المجموعة الفُضلى [Best Group]“ وذُيّل بالسؤال ”من معي؟“.

سُئل الشاهدُ عما يقصده بهذا المنشور، فأجاب بأنه يُشايعُ الأسدَ وأنه سيقع في ورطة إذا استولى الآخرون على السلطة. وأضاف P34 أنه كان لا يزال آنذاك غِرًّا لا يفهم الكثير عن السياسة.

2- نُشر في 4 تشرين الأول / أكتوبر 2012 في نفس المجموعة: صورةٌ لرشاش الكلاشِنكوف، مذيَّلةٌ بعبارة ”لبّيك يا أسد“.

وبخصوص المنشور، أوضح الشاهد أنه يَعُدُّ تفجيرَ المشافي أو سككِ القطار الحديدية أعمالَ تدمير، ولكنه يأبى أن يُترجم ردُّ فعله على ذلك بأنه تأييدٌ للحرب. وأوضح P34 أن الأسلحة هو رمز تاريخي عند العرب يتعلق بالثقافة والشرف. لم يَنطَلِ على رئيس المحكمة القاضي كولر أنَ هذا هو كل ما تتمحور حوله الصورة، إذ بدا غير مقتنع. وأضاف الشاهد أنه قَطعًا لن ينشر صورة زهور، وقال: ”عندما أتعرض للهجوم، لن أظلّ صامتًا“.

سأل القاضي رودِه عن تواتر تحدُّثِ ثُلّة P34 عن قضايا كهذه، فأوضح P34أنه علويٌّ والآخرين مسيحيون، لذلك كانت هذه مشكلة لهم في كثير من الأحيان، لأنهم قاسوا كثيرًا من التمييز في سوريا، خاصة خلال حُكم الإمبراطورية العثمانية. وأضاف أنه سمع شائعاتٍ كثيرةً حول مقتل أشخاص في مناطق معينة، لا لشيء إلّا لدينهم. وأخبر القضاةَ أنّ وِفاضَ المحتجّين كان خاليًا من خطة حقيقية للثورة، بل انضموا لمجرد أنّ تونس ومصر فعلتا الشيء نفسه. تحسّر الشاهدُ على أنهم [أي المحتجّين] تذمّروا من 40 عامًا من حكم الأسد ولكن دون أن يكون لديهم أسبابٌ فعلية، وقال: ”إذا كان لديك مشروع ثوري، فعليك أن تعرف إلى أين أنت ماضٍ، وعليك أن تأخذ الشعب كله معك“.

عُنِيَ القضاةُ بما حاقَ بالشاهد شخصيا بسبب الثورة. فذكر P34 أنه لم يكن هناك بلبلة في دمشق بادئ الأمر، ولكن حواجز الطّرق بَسَقَت عليه طريقَه إلى العمل، وكثيرًا ما قضى وقتًا أطول ليصل إلى الجامعة. وعند سؤاله، أنكر الشاهد أنّ علاءً وشخصًا آخر تحدثا عما شهداه في المشافي. وأشار إلى أنّ علاء تحدث عن إجراء عمليات جراحية، دون أن يذكر مطلقًا لمن أجراها ولم يَبُح بأي تفاصيل. ما فَتِئَ الشكُّ والارتيابُ يساوِران القاضيَ رودِه بشأن ما إذا كان الشاهد لا يزال يعمل في تلفزيون سما، كما هو جَلِيٌّ على صفحته في فيسبوك، ولكن P34 أصرّ على أنه لم يَعُد يحدّثُ صفحَته ولم يَعُد يعمل هناك.

وفيما تبقّى من أسئلتهم، حاول القضاة أن يستَشِفّوا ما كان يعرفه الشاهدُ عن القضية قبل شهادته في المحكمة. فحكى P34 أنه شاهَدَ مرةً تقريرًا على قناة الجزيرة عن طبيب سوري في ألمانيا زُعم أنه عذب محتجّين، فراسلَ علاءً بهذا الصّدد – ”انظر إنهم يكتبون عنك“ – لكن علاءً لم يُجِبْهُ قطّ. وأضاف أنّ الجزيرة تتمتع بسمعة طيبة بين العرب، وأوضح أنّ المعارضين يثقون بها بخلاف مُوالي النظام. وعندما سُئل عن رأيه الشخصي في التقرير وما إذا كان يُصدقه، قال P34إنه لم يُصدقه، لأن التقرير زعم أن التعذيب وقع في حمص عام 2012، ولكنه كان يعيش مع المتهم في دمشق آنذاك. بالإضافة إلى ذلك، لم يكن يعتقد أن علاء قد يفعل شيئًا كهذا. ”إنه شخص صالح. أراد العمل والتطور وكان مجتهدًا. وبناءً على صداقتنا، لا أعتقد أنه قد يفعل شيئًا كهذا“.

ختامًا، أراد القاضي رودِه أن يعرف إن سمع الشاهدُ عن مشكلة بين علاءٍ وزميلٍ له، وهو ما نفاه P34. لم يكن لدى المدعين العامّين ولا محامي المدعين أي أسئلة، فطلب محامي الدفاع بون من الشاهد أن يؤكّد مجدّدًا أيُّ الأمرين سبق الآخر: لقاؤه بعلاء أم الدراسةُ للامتحانات. استحضر الشاهدُ أنه التقى بعلاء في بداية عام 2012، عكف بعدها شهرًا على الدراسة استعدادًا لامتحاناته. وذيّل بون بسؤاله متى رأى الشاهدُ محامي دفاع علاء أول مرة. فأجاب P34 أن ذلك كان في مدينة كارلْسْرُوِه أثناء الاستجواب [أمام قاضي التحقيق في محكمة العدل الفيدرالية].

صُرف الشاهد، إلّا أنه تساءل قبل أن يهجر قاعةَ المحكمة إن جاز له أن يدنوَ من علاء لتوديعه، ففضّل القضاةُ أن يَشْطُنا في التوديع. أومأ P34 وعلاءٌ كلٌّ منهما للآخر برهةً رافعَين يدَيهما إلى ناصِيَتَيهما، وما كاد علاءٌ ينظر إلى الشاهد.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.