1 min read
داخل محاكمة علاء م #62: قَطرَةً قَطرَة

داخل محاكمة علاء م #62: قَطرَةً قَطرَة

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة الثاني والستون

تاريخ الجلسات: 5 و 7 كانون الأول / ديسمبر 2023

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

يسرد تقرير المحاكمة الثاني والستون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليومين الرابع والخامس بعد المئة من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا.مَثَلَ في يوم المحاكمة الأول هذا الأسبوع شاهدٌ جديدٌ في المحكمة. P29هو طبيبٌ وصديقٌ لعلاء. وبّخه القضاةُ لضحكه طيلة الجلسة. وكثيرًا ما ناقضت شهادتُه أقوالَه التي أدلى بها في استجواب الشرطة. لم يتذكّر كثيرًا من التفاصيل عن علاء، فاضطُّر القضاةُ مرارًا وتكرارًا إلى اقتباس إفادته في استجواب الشرطة. واعترف أن سماعَ صرخات المرضى المعتقلين في المشفى كان أمرًا ممكنًا.

عاد P28 في يوم المحاكمة التالي هذا الأسبوع لاستئناف شهادته. تذمّر الشاهدُ واشتكى لأن القضاةَ أخضعوه للضغط. وروى كيف كان يُرشده والده إلى علاج كافة المرضى، بصرف النظر عن توجهاتهم السياسية. صنّف P28 الطاقم الطبي في المشافي إلى ثلاث مجموعات، وأدرج علاءً ضمن مؤيّدي النظام. وحكى كيف عامل علاءٌ المرضى ونعتهم بالمتمردين والإرهابيين. وأضاف أن علاءً كان يرى أنه ينبغي ضربُ المتظاهرين وإيقافُهم بشتّى الوسائل والسُّبُل. وروى P28 قصةَ مناسبةٍ اجتمع فيها بعلاءٍ الذي أخبره فيها عن زميلٍ هدّده.

أبرز النقاط:

اليوم الرابع بعد المئة - 5 كانون الأول / ديسمبر 2023

في غُرّة هذا اليوم، أراد القضاة بدءَ الجلسة إلّا أنّ الشاهد كان مفقودًا. حاول القضاةُ الوصولَ إليه عن طريق هاتفه وبريده الإلكتروني إلّا أنهم لم يتمكنوا من ذلك. فأرَوْا حرّاسَ المحكمة صورتَه لينفضَّ الحرّاس وينتشروا باحثين عنه. أخبر المتهمُ المحكمة أنه رأى الشاهدَ في أحد أروقة المحكمة، ولكن أحدهما لم يتحدث إلى الآخر. انبرى محامي الدفاع إندريس للبحث عنه وعاد بعد أُمَّةٍ جالبًا معه الشاهدَ إلى قاعة المحكمة.

الشاهدُ P28 هو طبيبٌ يعمل في ألمانيا وصديقٌ للمتهم علاء. [ملحوظة: كثيرًا ما نبّه القضاةُ الشاهدَ إلى أنه كان يتحدّث بسرعة وطلبوا منه التأنّيَ والتّروّيَ لكي تتمكن القاضيتان الموكَلُ إليهما تدوينُ أقواله من فعل ذلك.] شرع P28 في إجابة أسئلة القضاة وأخذ يسرد تاريخه التعليميَّ والمهنيَّ في سوريا، لكنه ما لبث حتى عارضهُ القضاةُ باقتباس ما أفاد به P28 في استجواب الشرطة، حين صرّح بأنه كان يتناوب باستمرار كلّ ستة أشهر بين مشفيَي المزة وتشرين. أنكر P28 ولم يسلِّم بصحة الاقتباس، وأصرّ على أنه عمل سنةً في تشرين، أتبعها بثلاثٍ في المزة، ثم قفل راجعًا إلى تشرين. ذكّر القاضي رودِه الشاهدَ بأنه أضاف ذلك التوضيح كتابةً بخط يده إلى محضر الاستجواب ووقّع على تلك الإضافة. فقال P28 إن الأمرَ "هو كذلك" [أي كما ذكره هو في المحكمة]. قاطعه رئيس المحكمة القاضي كولر موضّحًا أنه لا يستطيع أن يقول ببساطة "هو كذلك" مخالفًا أقواله في استجواب الشرطة، وفطّن الشاهدَ بأنه ملزمٌ بقول الحقيقة كاملة. تساءل كولر إن كان P28 يعلم أنّ أخاه P26 استُجوب في المحكمة، فأقر P28 أنّ أخاه أخبره بذلك. أراد كولر أن يعرف إن تحدثا عن شهادة أخيه، فقال P28إنهما تحدثا عن ذلك قبل أن يخبره أخوه أنه لا يُسمح لهما الحديثُ عنها. وحينما سأل كولر P28عما إذا تحدّثا عن أماكن عملهما وزمانه، أقرّ P28 بذلك.

أشار القاضي كولر بارتياب إلى أن استجواب P28 في الشرطة حديثُ عَهْدٍ، وتساءل لمَ غيّر P28 أقوالَه في المحكمة. ردّ P28 بأنه لا يعرف وأنه تفاجأ حين ذكر كولر ذلك الأمر، مذكّرًا أنّ عمله في سوريا مضى عليه ما يزيد على العشرة أعوام، وأن الأحداثَ في ذاكرته اختلط الحابلُ منها بالنّابل. رجّح كولر أنه إمّا ما أفاد به P28 للشرطة كان خاطئًا وإمّا ما شهد به في المحكمة. عرض القضاةُ على الشاشات محضر استجواب P28 في الشرطة الذي أظهر جملة مكتوبة بخط P28 متبوعة بتوقيعه. كانت الجملة: "[لا] أستطيع أن أذكر التواريخ المحدّدة، لأن هذا مضى عليه وقتٌ طويل. وكنت أتناوب باستمرار بين المزة وتشرين". حاجج P28 متذاكيًا بأنه قال "كنت أتناوب". فحَجّهُ القاضي كولر مذكّرًا بأنه قال "باستمرار". أَهلَسَ P28 ضاحكًا في فتور، فطالبه كولر أن يأخذ الأمر بجدّية. [ملاحظة: ما انفكّ P28عن الإهلاس والضحك الفاتر طيلة الجلسة. كان انطباعُ مراقب المحاكمة أن ذلك كان وليدَ الارتباك والضغط والتوتر، لا سوءَ أدب.] قال P28 إنه لم يهيّئ نفسه وقت استجواب الشرطة. فنوّه القاضي كولر مرة أخرى إلى ما دوّنه P28 أثناء استجوابه في الشرطة، وتساءل إن كان P28 قد هيّأ نفسه قبل شهادته وفكّر بما يريد قوله. فأقرّ P28 بأنه متهيّئٌ الآن وأنه يحاول تذكّر التواريخ بدقة. تساءل كولر إن كانت الحقيقةُ هي ما أفاد به P28 بعفوية ودون تهيئة للشرطة. ضجر القضاةُ من اجترار P28 لجوابه عن تاريخ تناوبه كلما سألوه عن كلمة "باستمرار" التي خطتها يده في الاستجواب، فعقدوا استراحة لعلّ P28 يتذكر شيئًا فيها.

بعد الاستراحة قال P28 للقضاة أن شريط حياته رجع إليه كاملًا، إذ هاتف امرأته خلال الاستراحة وتناقشا في عدة أمور وصور فوتوغرافية لديهما. وضّح P28 تواريخ وأماكن استشفّها من نقاشه مع امرأته، وأخفق في توضيح أمور أخرى ظلّت ملتبسة على المحكمة. ففشل في تحديد الوقت الذي عمل فيه مع علاء، وعجز عن تذكر متى غشي علاءٌ دمشقَ أولَ مرة. سأل القضاةُ الشاهدَ عن إصابة حلّت بعلاء، فتذكّر أنّ علاءً أُصيب إصابةً سطحية، ولم يتذكّر تفاصيلها. تعجّب رئيس المحكمة كولر من P28يعدُّ نفسَهُ صديقًا للمتهم ولا يسأل عن تفاصيل إصابة كتلك. قلّل P28 من شأن الإصابة وأضاف أن الأمر لم يكن كارثيًّا ليأبه به. قال P28 إن أخاه P26 سأله إن كان يتذكّر إصابة علاء، فأخبره P28 أنه يتذكّرها. استغرب القضاةُ وأخبروا P28 أنّ أخاه أخبر المحكمةَ أنه سأل P28 عن الإصابة فأجابه P28 أنه لا يعلم عنها. تعجّب P28متسائلًا "أحقًّا قال هذا؟".

تطرّق القضاةُ إلى موضوع آخر وسألوا P28 عن المتظاهرين في سوريا وما إن كانت مطالبهم صائبة وشرعية. أجاب P28 أن مطالبهم كان فيها شيءٌ من ذلك، كالديمقراطية والحرية وزيادة الأجور. وعندما تعمّق القضاةُ في سؤاله عن الموضوع، ردّ P28 بأنه بعيدٌ عن السياسة وقال إنه لم يكن مقتنعًا بما فعل الطرفان؛ المعارضة والحكومة. أراد كولر أن يعرف ما قدّمته الحكومة لـ P28، فعدّد P28 أنه درس مجّانًا كما كان العلاجُ في المشافي، وكان بالناس فاقةٌ ولا مال لديهم إلّا أنهم يُعالَجون بالمجّان. أضاف P28 أن الأمن كان مستتبًّا، وأنه لم يجْنِ الكثير من المال رغم أنه عمل في وظيفتين، وأنه لم يكن في رغد من العيش مثلما حياتُه في ألمانيا، إلّا أن الحياة كانت جيدةً مقبولة.

أراد القضاة أن ينبشوا ما يعرفه P28 عن العنف ضد المرضى المتظاهرين وإساءة معاملتهم. قال P28 إنّ المرءَ كان يرى حالات كهذه إلّا أنه كان ينأى بنفسه عنها. أضاف P28 أنه لطالما راوده شعورٌ بأنّ هناك أمرًا لم يكن صائبًا، غير أنه لم يستطع إيقاف ضرب المرضى. أراد القضاةُ أن يعرفوا المزيدَ عن المعتقلين المرضى، فقال P28 إنهم كانوا يُجلبون إلى المشفى معصوبي الأعين. أراد القضاةُ أن يصف P28 أكثر مثلما وصف في استجواب الشرطة. تساءل P28 ما الذي يمكن أن يضيفه. كان القضاةُ وكأنهم يستقطرون الكلام من P28، فتساءل P28 إن كانوا يقصدون أن المتظاهرين المرضى كانوا مكبلين. برَقت أساريرُ القضاة بعد عناء وسألوا إن كان P28يعُدُّ جَلْبَ مرضى مكبلين إلى استقبال الطوارئ أمرًا طبيعيًّا. ردّ P28 بأنه لم يخْطُ إلى قسم الطوارئ إلا ما ندر، ولم يكن يعرف كيف كان المرضى مكبلين حينما سأله القضاة. ومرةً أخرى، حاول القضاةُ بشقّ الأنفس استقطارَ معلومات من P28عن ضرب المرضى. وبعد مراوغات عدّة من P28، ضاق الأمر ذَرعًا برئيس المحكمة كولر الذي حذّر الشاهد من نهجه في الإجابة عن الأسئلة، منذرًا بأنه إن كان يحاول P28 تبديد الوقت لتَمضِيَ جلساتُ استجوابه، فإنه سيظلّ يجلبه إلى المحكمة حتى ينتهي من استجوابه وإن تطلّب الأمر منه أسابيع عديدة. أخذت الأجوبة تنبثق من P28متسارعةً، فقال إن الضربَ كان بأدواتٍ وصفها، وبفعل ممرضين وأفراد المخابرات. وعندما أراد القضاة من P28 أن يصف أين ضُرب المرضى على أجسادهم، وضّح P28 أنّ المرء لا يمكنه أن يحدد من أي المواضع [أمسك] هِرّةً، فامتعض رئيس المحكمة من إجابة P28 واستغرب من مقارنته المعتقلين مع القطط. بتنحية قسم الطوارئ جانبًا، أراد القضاةُ أن يعرفوا أين رأى P28مرضى مكبلين في المشفى. قال P28 إن منهم من كان في في القسم، ووصف كيف كانوا مكبّلين وحالتَهم البدنية وآثارَ التعذيب حين سأله القضاةُ عن ذلك. وبينما هو يصف آثارَ التعذيب، إذ ضحك P28. فأنّبه القاضي كولر منوّهًا أن ليس في الأمر ما يدعو إلى الضحك. ثم أتبعت المدعيةُ العامةُ تسابيك قائلة بانفعال "أنت طبيب!". استمرّ P28 في مراوغة الأسئلة فنفذ صبرُ رئيس المحكمة الذي أشار إلى أنّ P28 استغرق 25 دقيقة لبيان أثرٍ من آثار التعذيب. أخبر كولر الشاهدَ أنه سيعقد استراحةً عليه أن يستغلها للتّفكّر في الإجابات، وأنه سيستجوبه أيّامًا إن تطلّب الأمر. اشتكى P28 من أن رئيسَ المحكمة يضغط عليه، فقال له رئيس المحكمة: "أيْ نعم، إني أضغط عليك".

بعد الاستراحة، أراد محامي الدفاع إندريس أن يصرّح ببيان، فطلب رئيس المحكمة كولر من الشاهد أن ينتظر برهةً خارج القاعة. وبعد خروج P28، طالب إندريس بإيقاف الجلسة وإعطاء الشاهد مساعدة قانونية. سأل كولر عن السبب، فأجاب إندريس أن هذا جزء من المحاكمة العادلة، إذ حصل شهودٌ آخرون على المساعدة. وضّح كولر أن الشهود الآخرين كانوا ضمن برنامج حماية الشهود وأتَوا بصحبة أفراد مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألماني، بخلاف P28. وأضاف كولر أن على إندريس أن يتقدّم بطلب رسمي إن أراد ذلك، وتساءل إن كان علاءٌ موافقًا على طلب محاميه. قال علاء إنه قصيرُ الباع في الأمور القانونية. فردّ عليه كولر بأن لديه ثلاثة محامي دفاع وأن عليه أن يتناقش معهم. أعطى رئيسُ المحكمة فريقَ الدفاع استراحةً للنقاش، عاد بعدها إندريس قائلًا إنه ظفر بموافقة المدعى عليه. وبعد أن قدّم إندريس طلبه المبنيَّ على الفقرة 68 ب من قانون الإجراءات الجنائية الألماني، طالبت المدعية العامة برفض الطلب محاجِجَةً بأن الشاهد أتى بنفسه وبأنه طبيبٌ يتحدث الألمانية ويحاور بشكل جيد.

استُدعي P28 بعد ذلك لاستئناف الاستجواب. وفي رده على أسئلة القضاة، نفى أنه شاهد جثثًا في المشفى ولكنه أقرّ بوجود رائحتها في تشرين والمزة، وبأن الممرضين أخبروه بأن الجثث كانت لمتمردين وعساكر. أشار القضاةُ إلى أن P28 ذكر في استجواب الشرطة أنه سمع في مشفى المزة صراخ أشخاص يُضربون آتيًا من استقبال الطوارئ، فأقرّ P28بأن المرء كان يسمع صراخهم. ومع كل اقتباس اقتبسه القضاةُ من محضر استجواب P28 في الشرطة، أضاف P28معلومة جديدة. فبدأ بوصف أن الصراخ كان يُسمع من استقبال الطوارئ، ثم أضاف أنه كان يُسمع في القسم، ثم من خارج المشفى، وذيّل بغرفة المتمردين. تساءل رئيس المحكمة لمَ لمْ يذكر P28هذه الأماكن ببساطة عند سؤاله بل انتظر أن يُقتبس كلامُه. ردّ P28 بأن السؤال كان مفتوحًا ثم صار محدّدًا. فوضّح كولر أن الأسئلة المفتوحة هي فرصةٌ للشاهد كي يسترسل في الإجابة.

أبدى رئيس المحكمة خيبة أمل لأن المحكمة لم تُنجز كثيرًا مما كان مخطَّطًا له هذا اليوم. فأعلن استكمالَ استجواب P28 في الجلسة التالية ورفع الجلسة.

اليوم الخامس بعد المئة - 7 كانون الأول / ديسمبر 2023

استهلّ رئيس المحكمة كولر جلسةَ اليوم بسؤال الشاهد عما إن تفكّر خلال اليومين الماضيَين فيما شهد به وعما إن كان هناك ما يودّ تصويبه أو الإفصاح عنه. نفى P28 قائلًا إنه أدلى بما يعرفه خلال الجلسة الفارطة، وإنّ رئيس المحكمة وضعه تحت وطأة الضغط، مذكّرًا بأن المرءَ ينسى أحيانًا وبأنه يبذل جهده ليتذكّر التفاصيل. سلّم رئيس المحكمة كولر بأنّ هذه الأحداث مضى عليها دهرٌ طويلٌ، ولكنه لا يصدّق أن P28 قد لا يتذكّر شيئًا أضافه بيده إلى محضر استجوابه.

بدأ القاضي رودِه الاستجواب مستفسرًا عن إجراءات العمل في المشافي، فسرد P28 كيف يسجَّل الطبيب رسميًّا بعد تخرجه لبدء اختصاصه الطبي. وردًّا على عدة أسئلة، وضّح P28 أن التناوب بين المشافي قد يطول لأكثر من ستة أشهر بالاتفاق بين الطبيب والمشفى. وأضاف P28 أنه كانت لأبيه يدٌ في تجنيبه الانتقال إلى مشفى حرستا لأن P28 لم يرد ذلك إذ كان بعيدّا عن مكان سكنه. وأوضح P28 الفروق بين عدة مشافٍ؛ منها عسكرية كتشرين والمزة وحرستا، ومنها جامعية كالمواساة والأسد، ومنها حكومية كالمجتهد، ومنها خاصة كالفرنسي.

استفسر القضاة عمّا إن كان P28 يعرف أطباء بدّلوا أماكن عملهم من مشافٍ عسكرية إلى حكومية كالمجتهد، فعدّد P28 بضعة أسماء. سأله القضاة إن كان يعرف سبب عزمهم على الانتقال، فخمّن P28 أن الوضع في المشافي العسكرية كان صعبًا، إذ كان على المرء أن يذعن لكل ما يُؤمر به، وأضاف أن أولئك الزملاء كانت لديهم توجهاتٌ أخرى. تساءل القاضي رودِه عن ماهية الأوامر وإن كانت أوامرَ بالضرب على سبيل المثال، فأقرّ P28 ذلك، وضرب مثالًا عليه. فحينما كان يودّ أن يأخذ التاريخ الطبي من المريض وكان يطلب من الحارس أن يتوقف عن ضرب المريض، كان الحارس المسلح يسب P28 ويهينه. وكان هذا محبطًا لـ P28 بصفته شابًّا معارضًا دائمًا للعنف من الطرفين؛ النظام والمعارضة، ولكنه لم يستطع قول شيء. وروى P28 أن أباه عسكريٌّ وأنها حقيقةٌ لا يمكن تغييرها، ولكن أباه أخبره بأنه إن رأى ما لا يستطيع تغييره فعليه أن يلتزم الصمت ويعالج المرضى سواء كانوا جنودًا أم مدنيين أم معارضة، فهو طبيبٌ في نهاية المطاف. سأل القاضي رودِه إن كان ضربُ المرضى موضوعًا يُناقش داخل العائلة، فأقرّ P28 ذلك وأضاف أن امرأته كانت تطلب منه أن يتحدث مع أبيه كلما عاد إلى البيت غضبان أسفًا لما رآه. وعندما كان يشكو P28إلى أبيه أنه يرى أمورًا لا تُسعده وليس في يده حيلة لقول شيء، كان يذكّره أبوه أنه موظفٌ مدنيٌّ وأن يظلّ محايدًا. تساءل رودِه إن كان P28 يعظُه أبوه ويرشدُه إلى ما عليه فعله في حال رأى أحدهم يضرب المرضى، فأجاب P28 بأن أباه أرشده دائمًا إلى علاج المرضى ومحاولة أخذهم إلى غرف العمليات، إذ لم يكن هناك ضرب. ولكن P28وضّح أنه لم يكن في وسعه أن يفعل هذا كثيرًا. وختم بأن ليس كل أفراد المخابرات والتمريض سيئين بل كان بعضهم يحاول حماية المرضى.

أراد القاضي رودِه أن يعود إلى نقطة سابقة، وأشار إلى أنّ زملاء P28حاولوا إيجاد حلّ بالانتقال إلى مشافٍ حكومية. أثنى P28 عليهم قائلًا إن محاولتهم تُحسَب لهم، إذ كانت فعلًا أحد الحلول. أراد رودِه أن يعرف مِلّتهم، فقال P28إنهم كانوا من السنّة. تساءل رودِه إن كانوا كذلك من المعارضة، فردّ P28 بأنه كان يشعر بأنهم كذلك وبأنهم كانوا متضايقين وغيرَ مرتاحين. بناءً على طلب القاضي رودِه، صنّف P28أولئك الأطباء ضمن مجموعة الأطباء مؤيّدي المعارضة ومجموعة الأطباء الوسطيين. وأضاف P28أن المجموعة الثالثة كانت الأطباء مؤيّدي النظام وجُلُّهم من العسكريّين. تسائل رودِه في أيّ المجموعات قد يحشُر P28 علاءً، فأجاب P28 أنّ علاءً كان مع النظام بنسبة 70 إلى 80%. أراد رودِه أن يعرف كيف استشفّ P28 هذا الاستنتاج. بعد مراوغاتٍ ومخاتَلاتٍ من جهة، واقتباساتٍ لمحضر استجواب الشرطة من جهة أخرى، تبيّن أن P28قال في استجواب الشرطة أنّ علاءً كان يصرخ على المرضى ويقذَعُهم ويصفهم بالمتمردين والإرهابيين، إلّا أنّ P28 قال في المحكمة إنه كان يقصد أنّ علاءً وصفهم "بالمتمردين" لا "بالإرهابيين". سأل القاضي كولر عما يُفترض أن يُفعل بالمتظاهرين وفق ما أخبره به علاء، فأجاب P28 بأن علاءً كان يرى أنه يجب إيقافُ المتظاهرين بكل الوسائل. ولمّا لم يسترسل P28 في البيان، اقتبس كولر من محضر استجواب الشرطة أن علاءً أخبر P28 أن ضرب المتظاهرين أمرٌ لازم، وأنّ P28 ردّ عليه بأنهما طبيبان وليس ذلك من مهامّهما. فأقرّ P28 بما اقتبس القاضي كولر.

حوّل القضاةُ مسار الاستجواب إلى موضوع آخر وسألوا P28 عن علاء، وكيف تعرف أحدهما على الآخر، وعن أفراد عائلة علاء بشيءٍ من التفصيل. ثم عُرض على الشاشات في المحكمة صورةُ أقمار صناعية أُريها P28 خلال استجواب الشرطة، وطفق P28يشرحها ويجيب عن الأسئلة حولها. ثم سأل القضاةُ عن أسماء زملاء لعلاء عملوا معه في المشفى في سوريا، فعدّد P28 أسماءً كثيرة. تبع ذلك أسئلةٌ عن لقاءات جمعت P28 بعلاء. ثم وضّح P28أن علاءً تواصل معه ليسأله عن الوثائق المطلوبة للتقديم على تأشيرة السفر إلى ألمانيا، وأقرّ P28 أنه بعث إلى علاء بعض المستندات والنماذج كالسيرة الذاتية.

في إطار حديثه عن التواصل بينه وبين علاء في ألمانيا، روى P28 كيف التقى علاءً خلال مناسبة استأجر فيها هو وعلاءٌ وأصدقاؤهما وعائلاتُهم قلعةً في ألمانيا للاحتفال. سمّى P28 من حضر ذلك الاحتفالَ الذي أخبره فيه علاءٌ عن زميلٍ سابقٍ كان يهدّده وقتها بسبب شجار شبّ بينهما خلال عملهما في حمص، وأضاف P28 أنّ الصدمةَ اعترته وأصدقاءه بعد بضعة أشهر عندما سمعوا من الإعلام عن التهم ضدّ علاء. لم يعرف P28تفاصيل النزاع الذي نشب بين علاءٍ وزميله، إذ أخبر المحكمة أنه سأل علاءً خلال الاحتفال مرارًا عن ذلك الزميل والنزاع الذي دار بينهما، إلّا أن علاءً لم يخبر P28 بالتفاصيل حينها، رغم أنهما انزويا للحديث على انفراد.

صُرف الشاهد في هذا اليوم على أن يُستدعى في يوم آخر لاستئناف شهادته. ثم حاول المتهم أن يوضّح أمرًا ما، ولكن القضاة أخبروه أن ذلك كان خلاف ما دوّنه القضاة، وأنّ عليه أن يتباحث مع محامي دفاعه إن أراد تغيير إفادته السابقة.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.